ورد اسم الله الرؤوف في العديد من المواقع من القرآن الكريم، وهومن الأسماء الحسنى الجليلة لله تعالى التي ينتفع بها من كان قلبه رحيماً وطيباً، كما أن الرؤوف من الأسماء التي يمكن أن يعتبر منها من كان قاسي القلب.
فالله تعالى الذي يريد الخير لعباده أورد اسمه الرؤوف في مواضع عشرة بالقرآن الكريم، كلها مواضع صلاح وفضل وخير.
معنى لفظ الرؤوف:
إن لفظ الرؤوف يعني ذو الرأفة، ويأتي بمعنى الرحمة الشديدة والواسعة، فهو من أرقى وأعلى معاني الرأفة، فالرؤوف على وزن فعول أي الشديد الرحمة.
إن ذكر الله باسمه الرؤوف يدل على الرحمة الكبيرة التي يمنحها الله تعالى لعباده، فيخفف عنهم ما قد يشقّ عليهم من عبادات، كما يستر على عباده المذنبين ويمنحهم المغفرة.
الفرق بين الرؤوف والرحيم:
إن الرؤوف وإن كانت تأتي بمعنى الرحمة ولكنها أخص منها، فكل رؤوف يكون رحيم، وليس كل رحيم يكون رؤوف، فالرأفة من أشد معاني الرحمة.
الرؤوف من صيغ المبالغة التي تدل على كمال الرحمة، وهي تكون أعم من الرحمة كذلك، فالرأفة كلها خير وحسنة في كافة أحوالها، في أولها وآخرها، وفي ظاهرها وباطنها.
ولنأخذ مثال من القرآن الكريم عندما قال الله تعالى في الآية 3 من سورة النور: “الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ”.
فهنا كان أمر الله أن لا تكون هناك رأفة بهما، ولم يقل لا تأخذكم بهما رحمة، لأن الرحمة تحصل فعلاً بتطهير الزاني من خلال عقوبة الجلد، وهو إن استغفر وتاب توبةً نصوحة، فقد ينتهي به الأمر إلى جنات النعيم.
فالرحمة هنا في بدايتها عذاب الجلد وفي نهايتها مغفرة الله تعالى، أما الرأفة فتكون من أولها إلى آخرها، ولو أن هناك رأفة بالزاني لكانت عقوبة الجلد لم تحصل كذلك.
آيات القرآن الكريم التي ورد فيها اسم الله الرؤوف:
إن اسم الله الرؤوف ورد كما ذكرنا بالعديد من الآيات القرآنية ومنها:
قال تعالى في الآية 65 من سورة الحج: “إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ”.
قال تعالى في الآية 143 من سورة البقرة: “وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ”.
قال تعالى في الآية 7 من سورة النحل: “إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ”.
قال تعالى في الآية 9 من سورة الحديد: “هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ”.
قال تعالى في الآية 117 من سورة التوبة: “لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ”.
هل يمكن إطلاق كلمة رؤوف على غير الله تعاله:
بالرغم من أن اسم الرؤوف من أسماء الله الحسنى، ولكنه ورد كذلك في القرآن الكريم على غير الله فقد قال تعالى في الآية 128 من سورة التوبة: “لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ”.
وبذلك نجد الله تعالى قد وصف رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بالرؤوف، ولكن الفرق أن رأفة الله أوسع وأشمل فهي تشمل عباده بما فيهم النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
رأفة الله بعباده المؤمنين:
إن اسم الله الرؤوف يدل على رأفة الله تعالى بعباده المؤمنين، وتوفيقه لهم بطاعته، وبالعمل الصالح والتوبة والاستغفار من ذنوبهم وتقصيرهم بحق الله تعالى.
فالرأفة تخص المؤمنين من عباد الله دون الكافرين، وهو ما يتحقق من خلال محبة الله تعالى، والخوف منه، والرجاء بما عنده.
وهذا ما يظهر من خلال قوله تعالى بالآية 207 من سورة البقرة: “وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَاد”
كما يظهر في قوله تعالى بالآية 30 من سورة آل عمران: “يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ”.
متى ندعو الله تعالى باسمه الرؤوف؟
كما ظهر معنا سابقاً فإن الرحمة تقترن أحياناً بشيء من العذاب أو البلاء، لتنتهي بالنهاية إلى الفرح والخير والسعادة، بينما الرأفة تكون في الخير من أولها حتى آخرها.
وبالتالي فإن دعاء الإنسان ومخاطبته اسم الله الرؤوف يكون عند الكرب الكبير، وإذا رغب الإنسان بالفرج والخير بشكل عاجل، ودون أن يتعرض للعذاب أو الاختبار أو البلاء.
التعليقات